مخيفة سرعة الايام بقلم شيماء عزت

تمرّ الأيام كأنها تجري على عجل، لا تنظر خلفها، لا تتوقف حتى للحظة واحدة. نستيقظ كل صباح ونحن نردد في أعماقنا: “كيف مرّ الأمس بهذه السرعة؟”، ولا نجد إجابة. وكلما تقدم بنا العمر، شعرنا أن الزمن لم يعد كما كان، وكأن عقارب الساعة صارت تجري لا تمشي.
كنا بالأمس أطفالًا نركض في الشوارع، نضحك على أبسط الأشياء، نحلم بمستقبل بعيد لا نعرف له شكلًا. اليوم، نجد أنفسنا نركض خلف مسؤوليات لا تنتهي، نحمل على عاتقنا همومًا لم نحسب لها حسابًا. تمرّ السنون، وتمرّ معها الذكريات، تتغير الوجوه، وتتبدل الأماكن، ويبقى سؤال واحد يتردد في داخلنا: متى حدث كل هذا؟
إن سرعة الأيام مخيفة لأنها تسلبنا القدرة على التوقف. نحن لا نجد وقتًا لنلتقط أنفاسنا، لا نملك رفاهية التأمل أو حتى الحنين. نركض في دوامة الحياة، نؤجل الراحة، نؤجل الأحلام، نؤجل الحديث مع من نحب، نؤجل كل شيء على أمل أن نجد وقتًا لاحقًا. ولكن، متى يأتي هذا “اللاحق”؟ وهل سيأتي أصلًا؟
أحيانًا، وأنا وحدي، أفتح ألبوم الصور القديم… أرى وجه أمي وهي تبتسم، وأبي وهو يحملني بفخر، أرى أصدقاء الدراسة، الضحكات، والمواقف التي كنت أظنها لن تنتهي. فأشعر بوخزة في القلب. أين ذهب كل ذلك؟ متى تبدل العالم بهذا الشكل؟
لكن، وسط هذا الخوف، تعلّمت شيئًا مهمًا: لا يمكننا إبطاء الزمن، لكنه لا يستطيع أن يمنعنا من العيش الحقيقي. يمكننا أن نصنع لحظات لا تُنسى، ولو كانت قصيرة. يمكننا أن نعطي من نحب كلمة طيبة، نظرة دافئة، احتضانًا صادقًا. يمكننا أن نملأ يومًا عاديًا بشيء بسيط لكن جميل، فيبقى في الذاكرة رغم سرعة الأيام.
سرعة الأيام تذكّرنا بأن الحياة لا تنتظر. فلنحياها كما تستحق، بكل مشاعرها، بتفاصيلها، بلحظاتها الصغيرة، لأنها في النهاية، هي ما يصنع العمر.