علاقات العمل والسلام المجتمعى

بقلم : محسن عليوة
فى عالم متغير تتسارع فيه كل الأمور وتتداخل بيئات العمل وتؤثر بشكل مباشر على السلام المجتمعى بل يتأثر كل منهما بالآخر ، فبيئة العمل الإيجابية تركز دوماً على الاحترام وتحقيق العدالة والسلامة النفسية و الجسدية ، وهذا بدوره يُعزز الإنتاجية ويدعم الإبتكار، فينعكس إيجاباً على المجتمع من خلال عمال وموظفين أكثر سعادة وأهدأ بالاً وأكثر تحفيزاً ، وإقبالاً على العمل . وهذا له كبير الأثر فى الحفاظ على السلام المجتمعى بين فئات الشعب المختلفة ، لذا فقد حدد الهدف السادس عشر من أهداف التنمية المستدامة للأمم المتحدة ضرورة التركيز على بناء مجتمعات سلمية أخلاقياً وبيئياً وصحياً ، وتوفير العدل بشكل جماعى ، وإنشاء مؤسسات فاعلة ، تخضع للمساءلة إذا أخفقت ، والثناء والمدح إذا أحسنت وذلك على جميع المستويا.
و يسعى الهدف السادس عشر إلى الحد من العنف والجريمة لأن بناء المجتمعات السوية يجب أن يكون الأساس فيه هو الأخلاق والقيم فالمجتمعات التى تُنمى أخلاق أبنائها تكاد تنعدم فيها الجريمة ويكاد يختفى فى دروبها العنف ، ويحض أيضاً هذا الهدف الى إنهاء الاستغلال وفى هذا إرساء لمبدء الحقوق والحريات الشخصية ، وإنهاء الإستغلال فى العمل من الأهمية بمكان حيث يؤدى الى نشر المحبة بين أطراف العمل ومن ثم المجتمع الذى يعيشن فيه ، ويُرسخ المبدأ ذاته عدم الإساءة للأطفال حيث تعمل الحكومات على وضع تشريعات تحظر عمل الأطفال تحت سن معينة، وتحديد ساعات ممارسة أعمالهم ، وتجريم بعض أنواع الأعمال الخطرة إتفاقاً مع الإتفاقيات الدولية وقد راعى المشرع المصرى عند وضع قانون العمل الجديد حماية للطفل تماشياً مع مواد قانون الطفل وتوصيات المجالس القومية للمرأة والطفولة والأمومة كما أن هذا التشريع فرض عقوبات على المخالفين لنصوص القانون.
ولسلامة وحماية الأمن المجتمعى فى بيئات العمل المختلفة عزز الهدف السادس عشر سيادة القانون، ومكافحة الفساد حيث أن سيادة القانون تخلق أجواءاً ملائمة لجودة الحياة والتنافس الشريف فى الوصول الى الأهداف المحددة وتحمى الضعيف وتنصر المظلوم وتخلق عدالة ناجزة وعدالة مجتمعية تساعد على الحفاظ التام على الأمن المجتمعى ، أما بخصوص مكافحة الفساد فما يزال الفساد بأى دولة حتى يقضى عليها فهو يأكل كل تنمية وأحسنت مصر إذ أطلقت الاستراتيجية الوطنية لمكافحة الفساد بمراحلها الثلاث حيث بدأت المرحلة الثالثة فى ٢٠٢٣ و تنتهى فى 2030، ومحاربة الفساد والقضاء عليه يأتى من تكاتف مجتمعى مع مؤسسات الدولة للحفاظ على المقدرات وعدم الغش والقضاء على المحسوبية ووضع الانسان المناسب فى المكان المناسب ، كما اشتمل الهدف السادس عشر إلى ضمان الشفافية وحماية الوصول إلى المعلومات، وحماية حقوق الإنسان .
وعلى الجانب العملى فإن توفير بيئات العمل المناسبة تؤدى الى زيادة الإنتاجية وهى أهم مقومات نجاح إقتصاديات الدول و بيئة العمل تتمثل فى كافة العناصر المحيطة بالعامل والتى تؤثر على أداءه العملى وإنتاجيته بشكل يومى ، والواجب على أرباب الأعمال أن تعمل مؤسساتهم على تحسين بيئة العمل، وتنقية الأجواء التى تُحيط بالعمال والموظفين وجعلها بيئة إيجابية حيث البيئة السلبية تؤثر على الحالة النفسية للعامل وأداءه الوظيفي.
كما تشتمل بيئة العمل ثقافة الشركة أو المؤسسة ومستوى التواصل بين الموظفين فى شكل فرق عمل ناجحة لتحقيق الأهداف وتحقيق الرسالة المجتمعية .
ومصرنا الغالية فى ظل التحديات الإقليمية الجسيمة التى تمر بها المنطقة تحتاج الى عوامل بناء الثقة بين كافة أبناء المجتمع لا سيما الطبقة العاملة ومجتمع أصحاب الأعمال لتحقيق السلام الإجتماعى المنشود ، حيث أن العامل هو أهم عناصر العملية الإنتاجية وتوفير البيئة الملائمة للعمل وبعث الراحة النفسية للعامل وتحقيق الرضا الوظيفى له إنعكاس أسرى حيث أن هذا العامل هو رب الأسرة وهو أحد أفرادها فعندما يتم بعث الطمأنينة والأمان الوظيفى له فذلك يؤدى الى سلام أسرى ومن ثم سلام مجتمعى حفظ الله مصرنا الغالية.




