قطاع البترول ودوره البطولي في حرب أكتوبر المجيدة

يكتبها
اسامه سامح شحاتة
في مثل هذه الأيام من كل عام، تحتفل مصر بذكرى حرب أكتوبر المجيدة، ذلك النصر العظيم الذي أعاد للأمة العربية كرامتها، وللمصريين ثقتهم بأنفسهم وقدرتهم على التحدي وتحقيق المستحيل. لم يكن النصر العسكري وحده هو ما صنع ملحمة أكتوبر، بل شاركت فيه كل مؤسسات الدولة بجهود مخلصة وتضحيات جسيمة، وكان قطاع البترول أحد الأبطال الحقيقيين في هذه المعركة التاريخية.
البترول… سلاح استراتيجي في المعركة
منذ الساعات الأولى لحرب أكتوبر عام 1973، أدركت القيادة السياسية والعسكرية أهمية البترول كسلاح استراتيجي لا يقل خطورة عن السلاح في ميادين القتال. فقد كان تأمين احتياجات القوات المسلحة من الوقود وضمان استمرار الإمدادات دون انقطاع، مهمة قومية كبرى تولتها وزارة البترول والعاملون في الشركات المصرية بكل تفانٍ وإخلاص.
قام رجال البترول بتشغيل معامل التكرير على مدار الساعة، وتأمين خطوط الإمداد، وتحويل مسارات نقل الوقود في صمت تام بعيدًا عن أعين العدو، لضمان وصول كل نقطة بنزين وسولار إلى جبهة القتال في الوقت المناسب كان العاملون يعملون ليلاً ونهارًا تحت شعار “لا صوت يعلو فوق صوت المعركة”.
قرارات عربية موحدة… والبترول كسلاح ضغط سياسي
لم يكن الدور مقصورًا على الداخل فقط، بل امتد إلى الساحة العربية، حيث لعبت مصر دورًا محوريًا في توحيد الموقف العربي لاستخدام البترول كسلاح سياسي للضغط على القوى الداعمة لإسرائيل. فجاء قرار حظر تصدير البترول للدول المساندة للعدو ليقلب موازين القوى عالميًا، ويؤكد أن للأمة العربية قوة اقتصادية تستطيع أن تؤثر في مجريات الأحداث الدولية.
رجال البترول… جنود خلف الخطوط
خلف خطوط القتال، كان آلاف العاملين في شركات البترول يؤدون واجبهم الوطني بصمت وإصرار. فالمهندسون والفنيون وسائقو النقل والبواخر كانوا في حالة استنفار كامل، يواجهون الأخطار ويغامرون بحياتهم لضمان استمرار الطاقة في مواقع الإنتاج والمصانع والمستشفيات لقد كانت الروح الوطنية هي الوقود الحقيقي الذي حركهم نحو العطاء بلا حدود.
القطاع اليوم… استمرار لملحمة العطاء
واليوم، وبعد أكثر من خمسة عقود على نصر أكتوبر، يواصل قطاع البترول المصري بقيادة معالي المهندس كريم بدوي وزير البترول والثروة المعدنية، مسيرة العطاء بنفس روح أكتوبر، من خلال التوسع في مشروعات الاستكشاف والإنتاج، وتحقيق الاكتفاء الذاتي من الغاز الطبيعي، وتطوير البنية التحتية لقطاع الطاقة. إنها امتداد طبيعي لروح التحدي التي زرعها أبطال أكتوبر في وجدان الوطن
إن ذكرى حرب أكتوبر المجيدة ليست مجرد احتفال بانتصار عسكري، بل هي تذكير دائم بأن الإرادة الوطنية قادرة على تحقيق المعجزات، وأن كل قطاعات الدولة، وعلى رأسها قطاع البترول المصري، كانت وما زالت درعًا واقيًا وسندًا قويًا للوطن في معاركه نحو التنمية والازدهار.




